مراجعة فيلم 10 Cloverfield Lane … أفضل فيلم تشويق وغموض لهذه السنة؟
بطاقة تعريف بالفيلم
العنوان: 10 Cloverfield Lane
الصنف: تشويق وغموض، إثارة، خيال علمي.
بطولة: ماري إليزابيث وينستيد، جون غودمان وجون غالاجير جونيور.
إخراج: دان تراشتينبيرغ.
إنتاج: جي. جي. أبرامز وليندزي فيبر.
مدة العرض: 103 دقائق.
تاريخ الإصدار: 11 مارس 2016.
التقييم على موقع IMDB للأفلام: 7.3/10
قصة الفيلم
تدور أحداث الفيلم حول “ميشيل”، شابة تتعرض لحادث سير أثناء سياقتها ليلًا في طريق خالية لتفقد الوعي على إثر هذه الحادثة، إلا أنها بعد استرجاعها للوعي، تكتشف أنها محتجزة في مكان يشبه الزنزانة، بينما قد تم تكبيل يدها إلى أنبوب حديدي لمنعها من المغادرة، بعد دقائق من الصدمة والتفكير في حل للخروج من هذه الورطة، نتعرف على الرجل المسؤول عن هذا الاحتجاز والذي يدعى “هاورد”، والذي بعد تهدئة الشابة يفسر لها أنه لا ينوي أذيتها، بل على العكس، أنه قد قام بإنقاذ حياتها، وحياة شاب آخر يدعى “إيميت” من خطر محقق بعد أن أصبح الهواء الخارجي سامًا، وأن المكان الذين هم متواجدون به هو قبو تم بناؤه وتجهيزه بعناية للتمكن من النجاة في حالة وقوع كارثة مماثلة.
وهكذا، نتابع مع كل من “ميشيل” و”إيميت” محاولاتهما اكتشاف حقيقة “هاورد”، وإن كان فعلًا منقذًا لهما أم إنه شخص خطير يمثل تهديدًا لحياتهما، علمًا أن اكتشاف حقيقة سمية الهواء الخارجي يعتبر أمرًا شبه مستحيل بما أن “هاورد” يحيط القبو بكل الاحتياطات الأمنية اللازمة التي تمنع أي شخص من الدخول أو الخروج، وإذا افترضنا أن إمكانية الخروج متوفرة، فإن البطلين يجدان أنفسهما أمام احتمالية: ماذا إن كان الرجل صادقًا؟
يقدم الفيلم تجربة سينمائية رائعة تجعل المشاهد في حالة توتر وترقب عاليين، نظرًا لسرعة الأحداث وللحبكة الماكرة التي تلهو بعقل المتفرج بشكل ممتع يذكرنا بأفلام ألفريد هيتشكوك، حيث تقوم الأحداث بتضليل المشاهد وجعله يتوقع نتيجة معينة، إلا أنها سرعان ما تأخذ منحنى مختلفًا تمامًا عن الذي تم توقعه، وهو الأمر الذي يتكرر مرارًا وتكرارًا خلال الفيلم لدرجة تجعل الحل الأمثل هو الاسترخاء والتوقف عن التفكير والاكتفاء بدل ذلك بترقب الأحداث الموالية فقط.
الشخصيات
ثلاث شخصيات فقط هي كل ما يقدمه هذا الفيلم، ثلاث شخصيات رائعة كانت كفيلة بإمتاعنا طوال مدة الفيلم دون إفساح أي مجال للملل أو الرتابة، وهي كل من…
ميشيل: التي قامت بأداءها ماري إليزابيث وينستيد التي تملك مسيرة مليئة بأدوار ضمن أفلام الرعب وأفلام التشويق، وقد قدمت لنا الشخصية بشكل رائع بالفعل، وذلك لأن “ميشيل” هي الشخصية الرئيسية، والأهم، أنها الشخصية التي نشاهد الفيلم من منظورها، وبالتالي فإنها الشخصية الوحيدة التي نعرف كيف تفكر وماذا تريد وما الذي تفعله وأكثر شخص نراه طوال الفيلم، للك فإن المتعة التي جنيناها من المشاهدة نبعت بشكل مهم من الأداء المتقن لماري إليزابيث.
بالإضافة إلى ذلك، نجد أن هذه الشابة تخالف الأدوار التقليدية للنساء في الأعمال المماثلة، حيث تمضي البطلة نصف مدة الفيلم مصدومة وخائفة، أما النصف الثاني فنشاهد فيه المرات التي يتم إنقاذها فيها من طرف شاب وسيم، دون ذكر الصراخ المتكرر والقرارات المتناهية الغباء التي تتخذها البطلة بين كل حين وآخر، لكن الأمر يختلف هنا، البطلة هنا تجعل المتفرج في حالة رضا واكتفاء لكونها ذكية جدًا وسريعة التفكير و التصرف، بالإضافة لكونها حذرة وغير ساذجة أبدًا، وبالتالي فإننا بدل أن نشاهد جميلة بلهاء تقوم بكل التصرفات الخاطئة الممكنة، نجد أنفسنا أمام شابة قوية الشخصية، تحاول بكل السبل التوصل لحل يخلصها من الورطة التي وجدت نفسها فيها بشكل يبهر المشاهد نفسه بدل أن يسبب له الانزعاج الشديد.
إيميت: شاب لا نعرف عنه أي شيء تقريبًا سوى الطريقة التي تم احتجازه بها ومكان عمله السابق، كما أننا نعلم أنه قد ساعد هاورد في بناء القبو وتجهيزه، نمت صداقة سريعة بينه وبين “ميشيل” بسبب تشاركهما نفس المأساة، وقد ساعدها كثيرًا ضمن تسلسل أحداث الفيلم، وكالشخصية السابقة، يمتاز “إيميت” بذكاء كبير وبأعصاب باردة جدًا مقارنة مع الوضع الذي يعيش فيه، بالإضافة إلى كونه كثير التهكم والسخرية مما يجعله مكروهًا من “هاورد” لما يسببه له من استفزاز.
الشخصية من أداء جون غالاجير جونيور الذي شاهدناه هذه السنة في فيلم Hush بدور شرير، أما دوره هنا فقد كان طريفًا وممتعًا وإضافة غنية لسير الأحداث.
هاورد: من أداء جون غودمان، الذي قدم الشخصية المفضلة عندي في هذا الفيلم، يمكننا أن نقول أننا غير قادرين تمامًا على فهم هذا الرجل أو حتى التوصل إلى ما يفكر فيه، ملامحه مبهمة جدًا وغير واضحة، بل أننا خلال الجزء الأول من الفيلم نفشل، كحال الشخصيتين الأخرتين، حتى في معرفة إن كان شريرًا أم لا، حيث أذكر أنني عندما رأيته في أول مشهد عند دخوله للمكان الذي استيقظت فيه ميشيل بعد الحادثة، فكرت في أن هذا الشخص لا يبدو عليه الشر مطلقًا وذلك من خلال ملامحه الطيبة وطريقة كلامه الدافئة، إلا أنني غيرت رأيي بسرعة بعد مرور مدة قليلة من الزمن، ثم عدت مرة أخرى إلى التماس العذر له والتفكير في كونه شخصًا عصبيًا لا أكثر، وهكذا إلى أن مرت مدة معقولة وأنا لا أزال غير قادرة على تمييز كونه شخصًا شريرًا من عدمه.
أما بالنسبة لمعالم شخصية هاورد فهو شخص يعيش في حالة خوف من الأخطار التي من الممكن أن تهدد البشرية، يؤمن بنظريات المؤامرة ويملك تفسيرات غريبة جدًا للأحداث المحيطة به، إلا أن هذا الخوف مسلح بخبرته لكونه ضابطًا بحريًا سابقًا مما يجعله ملمًا بوسائل النجاة في حالة حدوث كارثة، وهو أيضًا حذر جدًا يشك بشكل كبير في من حوله، بالإضافة إلى كونه عصبيًا ومصابًا ببعض الاضطرابات النفسية بسبب فقدانه لابنته مما يجعله في حالة خوف شديد على ميشيل التي يرفض أن يراها امرأة ويعاملها على أنها مراهقة أو “أميرة صغيرة”.
وقد شكل هذا الفيلم التجربة الإخراجية الأولى لدان تراشتينبيرغ الذي وضع فيه جي.جي.أبرامز ثقته لإخراج فيلم مماثل يرتبط اسمه بأحد أنجح أفلام الخيال العلمي وأفضلها على الإطلاق، وقد كان دان في محل هذه الثقة بأن أخرج في المقام الأول فيلمًا ناجحًا استطاع جني ما يفوق 108 مليون دولار مقابل ميزانية لا تتجاوز 15 مليون دولار، إضافة إلى ذلك، فقد قدم لنا فيلمًا جعلنا نعيش 103 دقائق من التوتر والترقب العاليين، ومنحني شخصيًا شعورًا بالخوف لم أعد أجده حتى في أفضل أفلام الرعب في الفترة الأخيرة، ليكون، لحد الآن، أفضل فيلم تشويق وغموض في سنة 2016.
تحذير: تحتوي الفقرات القادمة على حرق للأحداث.
شعار الفيلم
“تأتي الوحوش على عدة أشكال”، هذه هي العبارة التي تحملها جميع بوسترات الفيلم، وهو الأمر الذي غذى ظنوننا أكثر فأكثر بأن هذا الفيلم سيقوم بعرض وحش يهدد البشرية، تمامًا كما حدث في فيلم Cloverfield سنة 2008، بينما سيكون التغيير في القصة نوعًا ما، وفي نوع هذا الوحش الذي كان فضائيًا في الفيلم السابق، وحقيقة أن هذا الوحش قد ظهر بالفعل في نهاية الفيلم غير المتوقعة!
وبهذا استطعنا إيجاد الرابط (الواضح) بين هذا الفيلم والفيلم السابق، إلا أن دوره هنا لم يكن مهمًا جدًا، لأن هذا الشعار، من وجهة نظري على الأقل، يجعلنا نفكر في الوضعية التي آلت إليها ميشيل في النهاية، بعد أن تمكنت أخيرًا من الهرب بعد معركة ضارية مع هاورد الذي لم ينقذها منه سوى كونه سمينًا، والذي كان “على ما يبدو” قد أصبح يشكل تهديدًا حقيقيًا لسلامتها وحياتها بسبب تصرفاته التي ازدادت حدة شيئا فشيئا طوال مدة الفيلم.
إلا أنها بعد أن تمكنت بالفعل من الهروب كما ذكرنا، وجدت نفسها في مواجهة وحش فضائي قادر أن يقتلها بضربة واحدة، مما جعلها مجبرة على الاختيار بين العودة للاختباء والاحتماء في القبو مع “وحش” على هيئة إنسان لا أحد يستطيع التنبؤ بأفعاله المخيفة وبالتالي فلا أحد يستطيع المكوث بجانبه دون الشعور بالخوف على حياته، وبين المكوث على السطح في مواجهة هذا الوحش الفضائي، بمعنى أنها في كلتا الحالتين ليست في أمان، فما الأرحم؟ إلا أن البطلة قد قررت في الأخير أن ذلك المخلوق الفضائي أيسر بكثير من الوحش الحقيقي الذي تدور أحداث هذا الفيلم حوله، وبالفعل فقد تمكنت من التغلب عليه في الوقت الذي لم تستطع فيه فعل ذلك مع هاورد.
محاولة شرح ومناقشة لبعض الأحداث
قد يبدو الفيلم واضحًا جدًا أثناء مشاهدتنا له، وذلك بسبب القصة السريعة والمثيرة التي تجعل كل انتباهنا مرتكزًا على مصير ميشيل بالإضافة إلى محاولة فك طلاسم أفكار هاورد وتصرفاته، إلا أننا بعض الانتهاء من مشاهدة الفيلم والتفكير في أحداثه، أو بعد مشاهدته للمرة الثانية، نبدأ في اكتشاف بعد العناصر الخفية، وهو أمر شائع جدًا في أعمال جي.جي. أبرامز، وهنا سنحاول مناقشة بعض التفاصيل ومحاولة فهمها من خلال طرح بعض الفرضيات التي قد تكون صحيحة كما قد تكون خاطئة تمامًا، وهو الأمر الذي لن نتمكن من معرفته في ظل غياب أية معلومات معتمدة من طرف الطاقم القائم على الفيلم.
ماذا عن “إيميت”؟
كما ذكرت في السابق، يركز الفيلم انتباهنا على كل من ميشيل وهاورد ويجعلنا نفكر في إيميت على أنه شخصية ينحصر دورها في مساعدة ميشيل ثم الموت بشكل بطولي بعد محاولة حمايتها في النهاية، لكن هل هو فعلا كذلك؟
دعونا نتذكر ذلك المشهد الذي دخلت فيه ميشيل عبر فتحات التهوية لإصلاح نظام التهوية داخل غرفة صغيرة مخفية، والتي عندما همت بمغادرتها اكتشفت نافذة تشكل مخرجًا إلا أنها كانت مقفلة عن طريق قفل حديدي من الداخل، بينما تم خدش كلمة “Help” على الجزء الداخلي لهذه النافذة، بالإضافة إلى ذلك فقد اكتشفت حلقا ملطخًا بالدماء والذي يعود لـ “ميغان”، التي شارك هاورد صورتها مع ميشيل بينما أخبرها إيميت أن اسمها بريتني وأنها فتاة مختفية منذ سنتين مما دفع الشابين للظن أن هاورد قد قتلها وهو الأمر الذي دفع بهما للتفكير في صنع بذلة مضادة للمواد الكيميائية واستمرت الأحداث…
ما لم ننتبه له هنا هو السبب الذي دفع باختيار ميشيل للدخول إلى فتحة التهوية، وهو صغر حجمها وسلامتها البدنية، فهاورد سمين لدرجة تجعل من المستحيل بالنسبة إليه أن يدخل إلى تلك الفتحة، أما إيميت فقد كانت ذراعه مكسورة، وبما أننا عرفنا أن الحلق الملطخ بالدماء يعود للفتاة المقتولة التي كتبت عبارة طلب النجدة على النافذة، فمن الذي قام في المقام الأول بإغلاق النافذة من الداخل غير إيميت؟ ومن الذي قتل تلك الفتاة داخل الغرفة غير إيميت؟ إلا أنه بعد أن أطلعته ميشيل على اكتشافها قام بسرعة بإخبارها أن هاورد قد كذب عليها مما جعله يبدو خطيرًا ومخبولاً أكثر أيضًا.
يمككنا كذلك افتراض أن هاورد قد كذب عليها بالفعل، إلا أن إيميت قد أخبرها بهذه المعلومة لتوجيه انتبهها عنه وتخويفها من هاورد، وهو الأمر الذي نجح بالفعل بما أنها قد بدأت بعدها مباشرة بصنع بذلة مضادة للمواد الكيميائية، وهو الأمر الذي يدفعنا أيضًا لافتراض أنه كان يفكر في سرقة البذلة واستعمالها في الهروب، وهو الدافع الأساسي الذي جعله يدافع عن ميشيل لضمان استمرارها في صناعة البذلة، إلا أن تصرفه هذا قد كلفه حياته.
من ناحية أخرى، نجد فرضية مختلفة تمامًا، وهي محاولة هاورد الاعتداء على ميشيل بعد مقتل إيميت، وهو الأمر الذي يمكن استنتاجه من التغير الذي طرأ على مظهر هاورد في وقت غير مناسب تمامًا، فبعد أن قتل شخصًا وأذاب جثته في الحمض، انتقل ببساطة لحلق لحيته التي احتفظ بها متواجدة طوال الفيلم، وارتداء ملابس جديدة قبل أن يتوجه إلى غرفة ميشيل، إلا أن اكتشافه للبذلة قلب الأحداث رأسًا على عقب ليجعلنا نفكر في ما كان سيحدث في حالة عدم انتباهه للبذلة.
ما رأيكم في هذا الفيلم؟ وهل لدبكم فرضيات أخرى تريدون مشاركتها؟ شاركونا في التعليقات.
ليست هناك تعليقات: